ماهي صفااااااااااااااااااااااات الدااااعية الناجح... طيب اقرا وشوف//الجزء الثااااااااااااااااااااااااااااااااااني//
صفحة 1 من اصل 1
ماهي صفااااااااااااااااااااااات الدااااعية الناجح... طيب اقرا وشوف//الجزء الثااااااااااااااااااااااااااااااااااني//
هذا يضلل الناس وإن كان مقصده حسنا إلا أنه بعدم علمه يضلل الناس, قد يحرم حلالا وقد يحل حراما وقد يفتي خطأ فلا يصلح للدعوة إلا من كان مؤهلا بالعلم الشرعي المستفاد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على بصيرة, والبصيرة هي العلم والذي يدعو إلى الله يعترضه خصوم ويعترضه مشبهون ويعترضه منافقون فإذا لم يكن مؤهلا بالعلم الشرعي الذي يستطيع به أن يرد على شبهاتهم وخصوماتهم فإنه ينهزم من أول الطريق وينتصرون عليه ويكون هذا على حساب الدعوة.
كيف يستطيع أن يجيب على المشكلات وعلى الشبهات وعلى التضليلات إنسان ليس عنده علم شرعي. فالبصيرة في الدعوة وهي العلم من ضروريات الدعوة , أما مجرد النية الصالحة ومجرد محبة الخير بدون علم هذا لا يكفي , وأنتم ترون الآن أن المحاضرين وأن الوعاظ الذين يتكلمون في تجمعات الناس يتعرضون لأسئلة وإجابات بعد كل محاضرة بعد كل كلمة , فإذا لم يكن المتكلم أو المحاضر على علم كيف يستطيع أن يجيب هؤلاء الجموع التي أمامه ؟
وقوله سبحانه: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] , تنزيه لله سبحانه وتعالى عما لا يليق به وبراءة من المشركين وكذلك أتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يتبرءون من الشرك ومن المشركين ؛ لأن الشرك دعوة غير الله عز وجل وعبادة غير الله عز وجل, فالذي يدعو إلى الله لا بد أن يتبرأ من أعداء الله ويوإلى أولياء الله سبحانه وتعالى ؛ لقوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] , فينتمي إلى حزب الله وإلى المسلمين, لا ينتمي إلى المبادئ المشبوهة أو الأحزاب المشبوهة , وإنما ينتمي إلى حزب الله وإلى جماعة المسلمين المخلصين لله عز وجل.
هذه صفات الداعية الذي يقوم بهذا العمل الجليل ؛ وقال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] , والحكمة: وضع الشيء في موضعه, وتطلق الحكمة ويراد بها العلم والفقه, {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] وقيل الحكمة هي: السنة النبوية والأحاديث النبوية, قال تعالى {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]
وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12] , يعني الفقه والبصيرة. فالحكمة كلمة يراد بها الفقه , ويراد بها وضع الشيء في موضعه اللائق به, وذلك مثل قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108] يعني: على علم بما أدعو إليه في قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] , والآية التي بعدها ذكر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين المدعوين وأن الداعية يعامل كل فئة بما يتناسب معه: الصنف الأول: الجهال , الذين ليس عندهم عناد وليس عندهم إصرار على الخطأ , وإنما وقعوا في الخطأ عن جهل فهؤلاء يكفي أن يبين لهم الحق , فإذا بين لهم الحق انتقلوا إليه وتركوا ما هم عليه من الخطأ , أن هؤلاء لا يحتاجون إلا إلى البيان ؛ لأنهم وقعوا في الخطأ من غير قصد وهم يريدون الحق فلما بين لهم الحق انتقلوا إليه وتركوا ما هم عليه هذه فئة من الناس ؛ يكفي فيها أن تبين لها الحق وأن ترغبها فيه وهي لا تريد إلا الحق وتدور مع الحق والحق ضالتها , فإذا بين لها انتقلت إليه.
الفئة الثانية: من إذا بين له الحق وبين ما هو عليه من الخطأ يتكاسل عن الانتقال من الخطأ إلى الصواب ويكون عنده فتور فهذا يحتاج إلى موعظة بعد البيان وأن تبين له عقوبة من تبين له الحق ولم يقبله ولم يبادر إليه , كما قال الله تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110] فالذي له الحق ولم يقبله ولم يسارع إليه يخشى عليه من الزيغ ومن تقلب القلب.
الصنف الثالث: من يكون عنده جدال بعد أن تبين له الحق يعرض شبهات ويعرض إشكالات يريد بها رد الحق فهذا يحتاج إلى جدال بالطريقة التي توصل إلى الحق ولا يترتب عليها تنفير أو يترتب عليها عنف, بل جدال بالتي هي أحسن كما قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] فهذا يحتاج إلى جدال لرد ما يدلي به من الشبهات.
ومن ثم قلنا: إن الداعية إلى الله يحتاج إلى علم ؛ لأنه كيف يستطيع أن يجادل بالتي هي أحسن إلا إذا كان عنده علم وكان عنده بصيرة تأهل بها وتسلح بها من الأول قبل أن يدخل الميدان ؛ إذا فالمدعوون: إما أن يكونوا جهالا يقبلون الحق إذا بين لهم وإما أن يكون عندهم شيء من الكسل بعد بيان الحق لهم فيحتاجون إلى موعظة , وإما أن يكون عندهم شبهات يتعلقون بها ويبررون ما هم عليه بشبهاتهم فيحتاجون إلى جدال حتى تزول شبهاتهم وتنقطع معذرتهم , وقد ذكر معنى هذا التقسيم على هاتين الآيتين الحافظ ابن كثير في تفسيره وذكره أيضا ابن القيم في (9) أخذا من هذه الآية ففيهما منهج الدعوة واضح لا إشكال فيه, وأنه يعتمد أولا على الإخلاص لله ؛ ويعتمد ثانيا على العلم ؛ ويعتمد ثالثا على الطريقة الصحيحة التي بها توصل الدعوة إلى الله عز وجل إلى قلوب الناس.
فإذا كانت الدعوة تسير على طريقة صحيحة فإنها تصل إلى القلوب وينفع الله جل وعلا بها ولو لم يهتد بها إلا القليل إلا أنها على مر الزمان تبقى آثارها
فيهتدي بها أجيال مستقبلة. واعتبوا بآثار المصلحين من علماء هذه الأمة حيث بقيت آثارهم بين الناس مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية , وابن القيم وغيرهم من المصلحين نفع الله بدعوهم في وقتهم ونفع الله بها بعد وقتهم ولا يزال الناس ينتفعون بها ؛ لأنها سارت على منهج صحيح وعلى شرعي وعلى بصيرة فصار أثرها باقيا ومستمرا والحمد لله وأيضا من منهج الدعوة إلى الله عز وجل الأولويات في الدعوة بأن يبدأ بالأهم فالأهم كما هي دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
فالرسل أول ما يبدأون بإصلاح العقيدة ؛ لأنها هي الأساس فإذا صحت العقيدة اتجهوا إلى إصلاح بقية الأمور فاتجهوا إلى إصلاح المعاملات وإلى إصلاح الأخلاق والسلوك, أما قبل إصلاح العقيدة فلا يمكن أن تكون الدعوة ناجحة ؛ لأنها لم تبن على أساس صحيح وكل شيء بني على غير أساس فإنه ينهار ولذلك اتجهت دعوات الرسل عليهم الصلوات والسلام أول ما اتجهت إلى إصلاح العقيدة فكل رسول يقول لقومه أول ما يقول لهم {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] كما قالها نوح عليه السلام وكما قالها هود وكما قالها صالح وكما قالها شعيب وكما قالها إبراهيم وكما قالها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث بقى في مكة ثلاث عشرة سنة يأمر الناس بإصلاح العقيدة وذلك بعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام والأشجار والأحجار.
ثم بعد ما تقررت العقيدة نزلت عليه بقية شرائع الإسلام فرضت الصلاة , فرضت الزكاة , فرض الصيام , فرض الحج , فرضت أوامر الإسلام بعدما استقرت العقيدة واستقامت.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أرسل الدعاة يأمرهم أن يبدءوا بدعوة الناس إلى إصلاح العقيدة فحينما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله , فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تأخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم). (10)
انظروا كيف أمرهم أن يبدأ بالعقيدة , فإذا استجابوا للعقيدة ووحدوا الله عز وجل أمرهم بالصلاة ؛ لأن الصلاة لا تصلح إلا بعد إصلاح بعد إصلاح العقيدة فإذا استجابوا لله وأقاموا الصلاة أمرهم بالزكاة ؛ لأن الزكاة لا تصح إلا بعد صلاح العقيدة وإقامة الصلاة.
وهكذا الدين يبنى على أساس التوحيد والعبادة لله سبحانه وتعالى, فالدعاة يجب عليهم أن يهتموا بهذا الأمر وهو إصلاح عقائد الناس وذلك دعوة الكفار إلى الدخول في الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ودعوة المنتسبين إلى الإسلام الذين عندهم خلل في العقيدة إلى إصلاح عقيدتهم ولا يكفي أن الإنسان ينتسب إلى الإسلام وهو مختل العقيدة.
فالإسلام لا يتحقق إلا إذا صلحت العقيدة , وإلا فما صحة الإسلام مع انحراف العقيدة ؟ ! فالدعوة لا تكفي ولا تفيد صاحبها شيئا, وكذلك لما أعطي على بن أبي طالب رضي الله عنه الراية يوم خيبر قال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم , ثم ادعهم إلى الإسلام , وأخبرهم بما يجب عليهم من حق لله تعالى فيه , فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (11)
أمره أن يدعوهم إلى الإسلام. والإسلام يبنى على الأركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, رمضان, وحج بيت الله الحرام.
وكذلك بقية أوامر الدين وشرائعه كلها مكملات لهذه الأركان لكن الأساسات هي هذه الأركان الخمسة. ولما قال له ادعهم إلى الإسلام لم يكتف بهذا, بل قال له: (أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه) (12) , بأن تشرح لهم ما هو الإسلام وأن الإسلام أوامر وأركان وأحكام وعبادات ومعاملات, وشرائع الإسلام كلها تدخل في مسمى الإسلام, وإلا لو كان القصد الانتساب إلى الإسلام فإنه لا يحتاج إلى أن يقول له أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى, فالذي يدعو إلى الإسلام يجب عليه أن يشرح ما هي حقيقة الإسلام وما هي نواقض الإسلام وما هي منقصات الإسلام حتى يكون الناس على بصيرة.
أما أن يدعو إلى الإسلام دعاء مجملا فهذا لا يكفي ؛ لأن دعوى الإسلام يدعيها الكثير. ولكن الإسلام الصحيح هو الإسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم القائم على أوامر الله سبحانه وتعالى الذي ليس فيه ناقص من نواقض الإسلام , هذا هو الإسلام الصحيح.. وإلا كلمة الإسلام اليوم كثيرة على الألسنة ولكن الإسلام الصحيح هوالمقصود وهو المطلوب وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب رضي الله عنه أن يبينه للناس.
وهذا يؤدي ما سبق من أن الداعية لا بد أن يكون عالما بأحكام الإسلام من أجل أن يبين للمدعوين ما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه, أما الجاهل بأحكام الإسلام فهذا لا يستطيع إذا قالوا له: ما هو الإسلام ؟ لا يستطيع أن يشرح لهم الإسلام ويبين لهم الإسلام. فالواجب في هذا الأمر واجب عظيم لا بد من الدعوة إلى الله ولا بد في الدعوة إلى الله أن تقوم على أساس صحيح حتى تكون دعوة مثمرة مؤتية للمطلوب منها , فالدعوة إلى الله فضلها عظيم. كما قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه , لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) (13)
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سمعتم لعلي بن أبي طالب: (والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (14)
والمراد بها: الإبل النفيسة, ومعناه: خير لك من الدنيا وأنفس ما في الدنيا من الأموال فكيف إذا اهتدى على يد الإنسان جماعة من المسلمين وأجيال متلاحقة بسبب دعوة هذا المصلح إلى الخير وإلى الله سبحانه وتعالى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه قلوا أو كثروا لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
فالدعوة إلى الله مقام شريف وعمل جليل ولا بد منها. ولكن لا بد من الفقه في الدعوة بحيث تدعو الناس إلى الله سبحانه وتعالى على بصيرة, ولا بد من معرفة ماذا يشترط في الداعية إلى الله سبحانه وتعالى حتى تكون الدعوة سائرة على منهج سليم, وحتى لا يحصل اختلاف بين الدعاة إلى الله فإنه ينجم الاختلاف مع الجهل. أما إذا تفقه الدعاة في الدعوة إلى الله وعرفوا المنهج الصحيح فلن يختلفوا أبدا إنما يحصل الاختلاف إذا دخل في الدعوة من ليس أهلا لها ومن لم يتأهل لها بالعلم النافع والإخلاص لله عز وجل فحينئذ يحصل الاختلاف..
أما إذا تفقه الدعاة في الدعوة وخلصت نيتهم لله عز وجل وصار مقصودهم وجه الله سبحانه وتعالى فلن يختلفوا أبدا, وإنما يتعاونون ويكونون يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى.
هذا, ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه صلاحنا, وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين, وأن يرزقنا وإياكم البصيرة في دينه والعمل بشرعه والإخلاص في طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وأصحابه أجمعين
--------------------------------------------------------------------------------
انظر كتاب (( محاضرات في العقيدة والدعوة / المجلد الثالث )) لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-
كيف يستطيع أن يجيب على المشكلات وعلى الشبهات وعلى التضليلات إنسان ليس عنده علم شرعي. فالبصيرة في الدعوة وهي العلم من ضروريات الدعوة , أما مجرد النية الصالحة ومجرد محبة الخير بدون علم هذا لا يكفي , وأنتم ترون الآن أن المحاضرين وأن الوعاظ الذين يتكلمون في تجمعات الناس يتعرضون لأسئلة وإجابات بعد كل محاضرة بعد كل كلمة , فإذا لم يكن المتكلم أو المحاضر على علم كيف يستطيع أن يجيب هؤلاء الجموع التي أمامه ؟
وقوله سبحانه: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] , تنزيه لله سبحانه وتعالى عما لا يليق به وبراءة من المشركين وكذلك أتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يتبرءون من الشرك ومن المشركين ؛ لأن الشرك دعوة غير الله عز وجل وعبادة غير الله عز وجل, فالذي يدعو إلى الله لا بد أن يتبرأ من أعداء الله ويوإلى أولياء الله سبحانه وتعالى ؛ لقوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] , فينتمي إلى حزب الله وإلى المسلمين, لا ينتمي إلى المبادئ المشبوهة أو الأحزاب المشبوهة , وإنما ينتمي إلى حزب الله وإلى جماعة المسلمين المخلصين لله عز وجل.
هذه صفات الداعية الذي يقوم بهذا العمل الجليل ؛ وقال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] , والحكمة: وضع الشيء في موضعه, وتطلق الحكمة ويراد بها العلم والفقه, {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] وقيل الحكمة هي: السنة النبوية والأحاديث النبوية, قال تعالى {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]
وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12] , يعني الفقه والبصيرة. فالحكمة كلمة يراد بها الفقه , ويراد بها وضع الشيء في موضعه اللائق به, وذلك مثل قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108] يعني: على علم بما أدعو إليه في قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] , والآية التي بعدها ذكر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين المدعوين وأن الداعية يعامل كل فئة بما يتناسب معه: الصنف الأول: الجهال , الذين ليس عندهم عناد وليس عندهم إصرار على الخطأ , وإنما وقعوا في الخطأ عن جهل فهؤلاء يكفي أن يبين لهم الحق , فإذا بين لهم الحق انتقلوا إليه وتركوا ما هم عليه من الخطأ , أن هؤلاء لا يحتاجون إلا إلى البيان ؛ لأنهم وقعوا في الخطأ من غير قصد وهم يريدون الحق فلما بين لهم الحق انتقلوا إليه وتركوا ما هم عليه هذه فئة من الناس ؛ يكفي فيها أن تبين لها الحق وأن ترغبها فيه وهي لا تريد إلا الحق وتدور مع الحق والحق ضالتها , فإذا بين لها انتقلت إليه.
الفئة الثانية: من إذا بين له الحق وبين ما هو عليه من الخطأ يتكاسل عن الانتقال من الخطأ إلى الصواب ويكون عنده فتور فهذا يحتاج إلى موعظة بعد البيان وأن تبين له عقوبة من تبين له الحق ولم يقبله ولم يبادر إليه , كما قال الله تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110] فالذي له الحق ولم يقبله ولم يسارع إليه يخشى عليه من الزيغ ومن تقلب القلب.
الصنف الثالث: من يكون عنده جدال بعد أن تبين له الحق يعرض شبهات ويعرض إشكالات يريد بها رد الحق فهذا يحتاج إلى جدال بالطريقة التي توصل إلى الحق ولا يترتب عليها تنفير أو يترتب عليها عنف, بل جدال بالتي هي أحسن كما قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] فهذا يحتاج إلى جدال لرد ما يدلي به من الشبهات.
ومن ثم قلنا: إن الداعية إلى الله يحتاج إلى علم ؛ لأنه كيف يستطيع أن يجادل بالتي هي أحسن إلا إذا كان عنده علم وكان عنده بصيرة تأهل بها وتسلح بها من الأول قبل أن يدخل الميدان ؛ إذا فالمدعوون: إما أن يكونوا جهالا يقبلون الحق إذا بين لهم وإما أن يكون عندهم شيء من الكسل بعد بيان الحق لهم فيحتاجون إلى موعظة , وإما أن يكون عندهم شبهات يتعلقون بها ويبررون ما هم عليه بشبهاتهم فيحتاجون إلى جدال حتى تزول شبهاتهم وتنقطع معذرتهم , وقد ذكر معنى هذا التقسيم على هاتين الآيتين الحافظ ابن كثير في تفسيره وذكره أيضا ابن القيم في (9) أخذا من هذه الآية ففيهما منهج الدعوة واضح لا إشكال فيه, وأنه يعتمد أولا على الإخلاص لله ؛ ويعتمد ثانيا على العلم ؛ ويعتمد ثالثا على الطريقة الصحيحة التي بها توصل الدعوة إلى الله عز وجل إلى قلوب الناس.
فإذا كانت الدعوة تسير على طريقة صحيحة فإنها تصل إلى القلوب وينفع الله جل وعلا بها ولو لم يهتد بها إلا القليل إلا أنها على مر الزمان تبقى آثارها
فيهتدي بها أجيال مستقبلة. واعتبوا بآثار المصلحين من علماء هذه الأمة حيث بقيت آثارهم بين الناس مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية , وابن القيم وغيرهم من المصلحين نفع الله بدعوهم في وقتهم ونفع الله بها بعد وقتهم ولا يزال الناس ينتفعون بها ؛ لأنها سارت على منهج صحيح وعلى شرعي وعلى بصيرة فصار أثرها باقيا ومستمرا والحمد لله وأيضا من منهج الدعوة إلى الله عز وجل الأولويات في الدعوة بأن يبدأ بالأهم فالأهم كما هي دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
فالرسل أول ما يبدأون بإصلاح العقيدة ؛ لأنها هي الأساس فإذا صحت العقيدة اتجهوا إلى إصلاح بقية الأمور فاتجهوا إلى إصلاح المعاملات وإلى إصلاح الأخلاق والسلوك, أما قبل إصلاح العقيدة فلا يمكن أن تكون الدعوة ناجحة ؛ لأنها لم تبن على أساس صحيح وكل شيء بني على غير أساس فإنه ينهار ولذلك اتجهت دعوات الرسل عليهم الصلوات والسلام أول ما اتجهت إلى إصلاح العقيدة فكل رسول يقول لقومه أول ما يقول لهم {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] كما قالها نوح عليه السلام وكما قالها هود وكما قالها صالح وكما قالها شعيب وكما قالها إبراهيم وكما قالها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث بقى في مكة ثلاث عشرة سنة يأمر الناس بإصلاح العقيدة وذلك بعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام والأشجار والأحجار.
ثم بعد ما تقررت العقيدة نزلت عليه بقية شرائع الإسلام فرضت الصلاة , فرضت الزكاة , فرض الصيام , فرض الحج , فرضت أوامر الإسلام بعدما استقرت العقيدة واستقامت.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أرسل الدعاة يأمرهم أن يبدءوا بدعوة الناس إلى إصلاح العقيدة فحينما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله , فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تأخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم). (10)
انظروا كيف أمرهم أن يبدأ بالعقيدة , فإذا استجابوا للعقيدة ووحدوا الله عز وجل أمرهم بالصلاة ؛ لأن الصلاة لا تصلح إلا بعد إصلاح بعد إصلاح العقيدة فإذا استجابوا لله وأقاموا الصلاة أمرهم بالزكاة ؛ لأن الزكاة لا تصح إلا بعد صلاح العقيدة وإقامة الصلاة.
وهكذا الدين يبنى على أساس التوحيد والعبادة لله سبحانه وتعالى, فالدعاة يجب عليهم أن يهتموا بهذا الأمر وهو إصلاح عقائد الناس وذلك دعوة الكفار إلى الدخول في الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ودعوة المنتسبين إلى الإسلام الذين عندهم خلل في العقيدة إلى إصلاح عقيدتهم ولا يكفي أن الإنسان ينتسب إلى الإسلام وهو مختل العقيدة.
فالإسلام لا يتحقق إلا إذا صلحت العقيدة , وإلا فما صحة الإسلام مع انحراف العقيدة ؟ ! فالدعوة لا تكفي ولا تفيد صاحبها شيئا, وكذلك لما أعطي على بن أبي طالب رضي الله عنه الراية يوم خيبر قال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم , ثم ادعهم إلى الإسلام , وأخبرهم بما يجب عليهم من حق لله تعالى فيه , فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (11)
أمره أن يدعوهم إلى الإسلام. والإسلام يبنى على الأركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, رمضان, وحج بيت الله الحرام.
وكذلك بقية أوامر الدين وشرائعه كلها مكملات لهذه الأركان لكن الأساسات هي هذه الأركان الخمسة. ولما قال له ادعهم إلى الإسلام لم يكتف بهذا, بل قال له: (أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه) (12) , بأن تشرح لهم ما هو الإسلام وأن الإسلام أوامر وأركان وأحكام وعبادات ومعاملات, وشرائع الإسلام كلها تدخل في مسمى الإسلام, وإلا لو كان القصد الانتساب إلى الإسلام فإنه لا يحتاج إلى أن يقول له أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى, فالذي يدعو إلى الإسلام يجب عليه أن يشرح ما هي حقيقة الإسلام وما هي نواقض الإسلام وما هي منقصات الإسلام حتى يكون الناس على بصيرة.
أما أن يدعو إلى الإسلام دعاء مجملا فهذا لا يكفي ؛ لأن دعوى الإسلام يدعيها الكثير. ولكن الإسلام الصحيح هو الإسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم القائم على أوامر الله سبحانه وتعالى الذي ليس فيه ناقص من نواقض الإسلام , هذا هو الإسلام الصحيح.. وإلا كلمة الإسلام اليوم كثيرة على الألسنة ولكن الإسلام الصحيح هوالمقصود وهو المطلوب وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب رضي الله عنه أن يبينه للناس.
وهذا يؤدي ما سبق من أن الداعية لا بد أن يكون عالما بأحكام الإسلام من أجل أن يبين للمدعوين ما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه, أما الجاهل بأحكام الإسلام فهذا لا يستطيع إذا قالوا له: ما هو الإسلام ؟ لا يستطيع أن يشرح لهم الإسلام ويبين لهم الإسلام. فالواجب في هذا الأمر واجب عظيم لا بد من الدعوة إلى الله ولا بد في الدعوة إلى الله أن تقوم على أساس صحيح حتى تكون دعوة مثمرة مؤتية للمطلوب منها , فالدعوة إلى الله فضلها عظيم. كما قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه , لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) (13)
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سمعتم لعلي بن أبي طالب: (والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (14)
والمراد بها: الإبل النفيسة, ومعناه: خير لك من الدنيا وأنفس ما في الدنيا من الأموال فكيف إذا اهتدى على يد الإنسان جماعة من المسلمين وأجيال متلاحقة بسبب دعوة هذا المصلح إلى الخير وإلى الله سبحانه وتعالى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه قلوا أو كثروا لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
فالدعوة إلى الله مقام شريف وعمل جليل ولا بد منها. ولكن لا بد من الفقه في الدعوة بحيث تدعو الناس إلى الله سبحانه وتعالى على بصيرة, ولا بد من معرفة ماذا يشترط في الداعية إلى الله سبحانه وتعالى حتى تكون الدعوة سائرة على منهج سليم, وحتى لا يحصل اختلاف بين الدعاة إلى الله فإنه ينجم الاختلاف مع الجهل. أما إذا تفقه الدعاة في الدعوة إلى الله وعرفوا المنهج الصحيح فلن يختلفوا أبدا إنما يحصل الاختلاف إذا دخل في الدعوة من ليس أهلا لها ومن لم يتأهل لها بالعلم النافع والإخلاص لله عز وجل فحينئذ يحصل الاختلاف..
أما إذا تفقه الدعاة في الدعوة وخلصت نيتهم لله عز وجل وصار مقصودهم وجه الله سبحانه وتعالى فلن يختلفوا أبدا, وإنما يتعاونون ويكونون يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى.
هذا, ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه صلاحنا, وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين, وأن يرزقنا وإياكم البصيرة في دينه والعمل بشرعه والإخلاص في طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وأصحابه أجمعين
--------------------------------------------------------------------------------
انظر كتاب (( محاضرات في العقيدة والدعوة / المجلد الثالث )) لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله-
بنت الاسلام- عضو مميز
- عدد الرسائل : 133
تاريخ التسجيل : 21/12/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى